الصَّابئَة المندائیّون فی التَّاریخ؛ من فلسطین إلی إیران

یعدُّ موروث الصَّابئَة المندائیّین بخلفیَّتهم التَّاریخیَّة الممتدَّة، ضمنَ الجماعات الدینیة المعروفة فی الثَّقافة والحضارة الإِسلامیَّتین، وقد جعلهم القرآن فی مصافَّ أهل الکتاب. تُظِهر اﻷحداث التَّاریخیَّة المتَّصلة بحیاتهم الدَّینیَّة والإجتماعیَّة فی فلسطین والواردة فی تقالیدهم الشَّفهیَّة ونصوصهم المقدَّسة، أنَّ فلسطین کانت منطلقهم اﻷوَّل.  إنَّ هجرة الصَّابئَة إلی بلاد مابین النهَّرین عقبت عوامل خارجیَّة ، بما فیها غزو القوی الخارجیَّة، وعوامل داخلیَّة والصَّراع مع الیهود. ومن ناحیة أخُری فقد لعب التَّسامح الدَّینیَّ من قبل الحکومات اﻷخمینیَّة واﻷرشاقیَّة دوراً إیجابیّاً فی مواصلة حیاتهم الدَّینیَّة بعد ما أقاموا فی بلاد ما بین النَّهرین الَّتی کانت تابعة للإمبراطوریَّات القدیمة بدءًا بالأَخمینیة وانتهاءً بالسَّاسانیَّة ، إِذ یسَّر ذلک لمناخ التسامح نزوحَ الصَّابئَة إلی الأَقالیم الواقعة جنوبیَّ غرب إِیران (خوزستان). وقد أَمضی الصَّابئة حیاة دینیَّة واجتماعیَّة ملیئَة بالتَّقلُّبات والشَّدائد منذ اجتیازهم الحدود الجغرافیَّة الإِیرانیَّة مستوطنینَ خوزستان إلی یومنا هذا (2010م.). أَمَّا فی السنَّوات الأَخیرة بعد اعتبار هذه الفئَة الدَّینیَّة ضمنَ أَهل الکتاب من قبل سماحة آیة ا.. الخامنئیَّ (مدّ ظلُّه) ، فقدُ فتح فصل جدید للتَّواجد التَّاریخیَّ الصَّابئیَّ فی إِیران ولممارسة حیاة دینیَّة واجتماعیة علی ساحة وادعة. إِنَّ هذه الدَّراسة الإستکشافیَّة الماثلة بین أَیدیکم بتوجُّه تاریخیًّ بحت وبحث تصحیحیًّ للمصادر التَّاریخیَّة تسعی إلی تقدیم صورة واضحة عن الصَّابئَّة وتعریف جدید للمندائَیَیّن یمیَّزهم عن عَبَدَة الشَّمس.